الثلاثاء، 29 يناير 2013

حليب الصبر


حليب الصبر

سمعت هذه العبارة من ام فاضلة تتكلم على احدى الاذاعات في برنامج عن الاسرى وهي تقول "اصبر يامه انا ارضعتك حليب الصبر ".

من نعم الله على الناس الانجاب وهذه النعمة يفرح لها الانسان كل الفرح ويحضر للقادم الجديد افضل تحضر حتى لوكان على حساب راحته ومعيشة, وكذلك الام بعد تحملها معاناة الحمل والولادة تكون في غاية من الفرح عندما ترى مولودها لدرجة انها تنسى اغلب التعب والمرض.

هذا القادم الجديد لا بدله من غذاء وهل افضل من حليب الام. فتباشر الام بإرضاعه الحليب كباقي الامهات العالم ولكن الام الفلسطينية لابد لها من مزج الصبر مع الحليب من اجل صحة المولود وكأن الحليب لا يكفي للنمو الطبيعي للطفل وتكوين الاعضاء والانسجة ,فلابد من مزجه مع الصبر كي ينمو نموا طبيعيا متعايشا مع وقع الاحتلال .

الحليب هو غذاء كل الاطفال لما له من مكونات وسهولة الهضم والقدرة على تكوين الجسم والعظم .هذا الجسم الصغير الضعيف يبدا بامتصاص الحليب ليكبر. حال كل المخلوقات من فئة الثديات. لكن الطفل الفلسطيني يحتاج للصبر ان يضاف للحليب لينتج غذاء متكامل قادر على تنمية الاعضاء بشكل طبيعي.

الطفل الفلسطيني يحتاج الى الحليب بنفس النسبة التي يحتاجها اي طفل لكنه يحتاج الى نسب عالية من الصبر لمزجها معه فهم يحتاج للصبر أكثر من اي شئ . فهو يحتجه في بطن امه ويحتاجه عند ولادته – قد يولد على حاجز ويموت عنده- ويحتاجه في طفولته. فربما اول ما يسمع من ألفاظ بعد اسم الام والاب هو اسم الاحتلال. فإذا قدر له ان يشاهد التلفاز سيرى صورة الاطفال وهم يقتلون او يعتقون وربما يكون صاحب الصورة اخوة او بن عمه وعلى  ابعد احتمال ابن بلده. من منا لم يشعر وهو طفل بقسوة الاحتلال وهو ينهب ويقتل ويعتقل ويشرد ويقتلع البشر والشجر والحجر.

وبعد ان تنهي فترت الرضاعة يكون الجسام بنى انسجته ولحمه وعظمه وطلها بطلاء الصبر تكبر هذه الاعضاء ويكبر معها الصبر.

وبحد حين يكتمل بناء الجسم ولكنه يبقى يحتاج الى كميات اخرى من الصبر وكلما كبير العمر يحتاج الى مضاعفة الكمية لدرجة ان بعض الناس يحتاج الى مضاعفة كميات الصبر لأضعاف لا يعلمها الا الله. هذا الطراز من الناس يختلف كل الاختلاف عن الاخرين اناس نذر انفسهم واعمارهم وشبابهم ليدافعوا عن بلدمهم فلسطين فهم اكثر الناس صبرا يصبرون على قسوة الجلاد وزنازينه ويصبرون على سلب الحرية ويصبرون على بعد الاهل ويصبرون على عدم رؤية اشعة الشمس هؤلاء هم من يستحقون منا الكثير ولكن عذرنا لهم ان الله هو من يجزي الصابرين.

كل ما ذكر من قبل هو حال الرجال الرجال ولكن هناك ايضا الاسود التي قررت تحدي سوط الجلاد وترفع رؤوسها عاليا في زمن التخاذل الانبطاح. يقررون معاقبة السجان وتدفعه الثمن تلو الثمن. فعمدوا الى سلاح الامعاء الخاوية -سلاح الذي يتملكه كل انسان منا- . فمنهم من امتنع عن الطعام و الشراب مدة 120 يوما او يزيد ومنهم من امتنع عن الماء ومنهم من لا يستطيع الحركة ومنهم....

 ولكن الحمد لله ان جميعهم لم يفقد نعمة النطق ليعبروا عن فرحتهم في قهر السجان واذلاله لبقى صوته مدوينا بذكر الله واسم فلسطين مقتدين بالصحابي الجليل بلال ابن رباح وهو يقول احد أحد ونتمنى على الله ان يبقى صوتهم عاليا مدويا على مر الزمان وان تقر اعيينا بهم محررين منصورين على عدوهم .

أ.عمار ابوزنيد

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق