الثلاثاء، 5 مارس 2013

الكلمة الطيبة



الكلمة الطيبة 

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) ﴾
 [سورة إبراهيم الآية:24-27]

انتقاء الكلمات فن وفطرة مُودعه في خُلِق البشر، يصقلها وينميها أهل الحكمة والمعرفة؛ لتنبت في وجدانهم الأشجار الشاهقة، وتنتج الثمار الناضجة ، فتنشر جذورها في عروقهم لتصل جميع أطرافهم، وتبدأ تهدي ثمارها إلى كل قريب وبعيد ، بكل محبة ولين لا تتأثر بعواصف الغضب، و رياح الحدس، ونفحات الكراهية .

هذه الحروف المترابطة لها قيمة في حياة الناس واثر يتعدى حدود الزمان المكان. حيث بداء الوجود بكلمة "كن" فكان أمر الله بخلق الكون والمخلوقات ،بما فيها من دقة وجمال، و بها يصاغ أقدس عقد في حياة البشر فيُحل به الحرام و يحرم به الحلال، و بها تدخل الإسلام و بها تخرج منه، وبها ترتفع سبعين درجةً في جنات النعيم و بها تنخفض سبعين درجةً في دركات الجحيم .

السحر الذي تحمله بعض الكلمات يصعب وصفة، وهي تمتزج بابتسامة المحبة والإخلاص، خارجة من نفس نقية ،لتصل إلى أعماق سامعيها بكل سلاسةٍ و هدوءٍ. لتعمل فيه كعاملٍ ماهر يحول كومة الحجارة إلى تحفه يُتغنى بجماله ،وكمن يحول صفائح الذهب إلى قلائد تُحلى بها الأعناق، هذه القدرة والحصافة في انتقاء الكلام الصادق ، الناس بحاجة له قبل الطعام والشراب. 

هناك من يعيشون في بستان الكلام الطيب ، كلّما جالستهم وجدت رائحة أزهار حروفهم وثمار ألسنتهم تملئ المكان، تريح النفس و تضبط حركات الأطراف . فتجد السكينة والأمان بزيارتهم ،والمحبة والشوق بالجلوس تحت أشجار كلماتهم المثمرة؛ لتسمع الكلمات الطيبة، وترى الحركات اللطيفة ، و تحمل معك ثمارا طيّبة ورائحة زكيّة.

الكلام يُشبه بطبيعته الدواء يَحتاجُ إلى طبيبٍ ماهرٍ يكتبه ويقدر مقداره و مواعده، فإذا لم يكن الطبيب ماهراً تَقل فائدة الدواء ، وقد ينقلب الدواء إلى داء ،وكذلك الكلام الطيب لابد من انتقائه بكل مهارةٍ ودقةٍ  واختيار الزمان والمكان الذي يقال فيه، وعدم التأخر بالنطق فيه؛ لأنه لا حاجه للدواء بعد الشفاء.

لعل النفس كالفرس الأصيل لا بد من ترويضها و تدريبها على الكلام الطيب ،ولجّمها إذا استعصى الأمر، ولم ينفعها الوعظ والنصيحة. لتتعود الكلام الطيبة و زرع بذور المحبة والاحترام في قلوب الآخرين.  


كثيرا كان في خاطرنا كلاما طيبا لم نقله ،وكثيرا احتجنا لكلام طيب لم نسمعه.



                                                                                   أ.عمار ابو زنيد
                                                                                        ابو حذيفة
                    
  5/3/2013                                                                                                                                                 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق