الأربعاء، 13 فبراير 2013

الورد الطبيعي يذبل


الورد الطبيعي يذبل


مع تحسس البلابل لدفء شباط وارتعاش الأغصان للبس الرداء الجميل ،مع انبساط اللون الأخضر على وجه الأرض معلنا بدأ فصل الربيع، مزيلا جمود الشتاء متحديا عواصفه وبرده ، مستأنس بخيوط شمس الصباح ،متفائل بأزهار اللوز البيضاء، اكتب هذه السطور علها تلامس موضعا في العقول، تهمس في الآذان ،تُنعش عاطفة أهملها النسيان، تؤنس مستوحشا في تيه الصحراء، تشجع كسولا أضاع العمر هباء، تدغدغ عواطف مليئة بالآلام، علّها تجد في هذه الكلمات بلسم يداوي الجراح ، نورا في ظلمة الليل المحدق، لتكون فاتحة خير لهذا الفصل الجميل. 



بعد الانتصار على الشتاء وإعلان فوز الربيع و بدء ظهور لونه الأخضر وبسطه على جميع أنحاء البلاد ، تبدأ الورود تطل بكل ثقةٍ وأمل، بكل محبةٍ ورقة ،معلنةً عن نفسها أينما وجدت دون تردد أو خجل مظهرةً ما أودعها الله من جمال ، ناشرةً عطرها  مع نسمات  هواء الصباح،  راويةً قطرات الندى بلطفها، مغذيتا نحلة الخير والبركة ،غامرةًً الطيور المغردة بالوداعة والنقاء  ، باعثةً الأمل والمحبة في القلوب المأسورة بالحزن والآلام.



وبعد أن تتفتح يظهر تألقها وجمالها وتبدأ نشر عطرها،  تأتيها يد الشر لتقطفها مستأثرةً بها، شافيةً نزعة الأنانية وحب الذات المغروسة في يد الشر، مُجبرةً هذه الوردة إخراج عصارتها التي احتفظت بها طويلا تحت لحائها حافظةً لها من كل تأثر أو مزج مع عناصر أخرى، فهي تعتصر الألم لفراق أوراقها وأغصانها وجذورها ، وهو يتنعم بعطرها ،لمعان لونها، نعومة ملمسها. 


الورد الطبيعي يختلف كل الاختلاف عن الصناعي، فهي مليئة بالحيوية والعطر و النعومة والحنان، ألوانها تنادي فراش السهول وبلابل التلال، لتشتم من رحيقها وتتغذى على عطرها وترتاح على أطرافها المخملية، لكن يُحيطها بعض الشوك تحتاج أن تصبر عليه أما المصنّعة  تبقى صامته لا تُأثر ولا تتأثر،  لكنها بدو أشواك.



هذه الوردة تستحق خير الجزاء بتغذيتها وريّها ، السماح لشمس الصباح أن ترها ،نسيم الهواء أن يحركا أهدابها،ليضاف عمرا لعمرها وتتضاعف حيويتها و يكثر لمعانها وتتسع أطرافها وتنشر عطرها ، فبحسن التلطف بها يزاد الجمال جمالا، فترد الإحسان سعادة وأمل ، الرعاية محبة وصبر ،وان تركتها بدون ماء وغذاء ،شمس وهواء ،فلا تلمها على قصر العمر وبؤس المظهر، قلة العطر و هازلة الأطراف  فليس الذنب ذنبها فهي مودعة بالجمال لكنها تحتاج إلى حسن الرعاية .



 أما الوردة المصنّعة لا تحتاج لكل هذا التعب والعناية والاهتمام فهي جامدة صامته صمت الأموات ثابتة ثبات الأصنام  لا تعطيك إلا الجمود و المنظر المقلد، اللمعان المصطنع ،الرقة المزيفة ،لكنها لا تطلب حسن الرعاية وتحمل أذى الشوك.



أ.عمار أبو زنيد

أبو حذيفة

13/2/2013


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق