السبت، 2 نوفمبر 2013

الوعد المشؤوم


الوعد  المشؤوم


لا يستطيع الفلسطيني أن يسلس أفكاره و ينسق جمله ويرتب كلماته ويجمع حروف. وهو يعيش ظلم هذا الوعد المشؤوم. هذا الوعد الذي قلب حياة الناس رأسا على عقب. أورثهم مرارة التشريد ،ومفارق الأوطان، و ووداع الأحبة، و السير نحو المجهول .

إذا كان من سن سنه سيئة عليه وزر كل من عملها. فكيف بمن وعد يهود ببلاد ليس لهم فيها حق لا من قريب ولا من بعيد. وعدهم ببلاد ليسوا من أهلها، لم يلمسوا ثراها، ولم يأكلوا من ثمرها ،ولم يتنفسوا هوائها ،ولم يعرفوا حدودها, هم عنها غرباء في كل شيء... قبل هذا الوعد المشؤوم .


هذا الوعد المشؤوم حول حياة الناس الآمنين المطمئنين في بيوتهم ومزارعهم ومتاجرتهم ومساجدهم وكنائسهم وشوارعهم وبيوتهم.... إلى لاجئين يبحثون عن وطن ضائع، وعز غابر، وكرامة مهدورة ،وارض محتله ،وأشجار مقطوعة، وبيوت مهدمة ....


كيف بالفلسطيني يعيش هذا اليوم وهو يتذكر نكبته و تهجيره، و هيامه على وجه في أصقاع المعمورة؟ كيف هو حال من كان له بيت فأصبح يعيش تحت "زينكو"؟ كيف بحال من كان له ارض فأصبح يعيش في مخيم ؟ كيف يتذكر هذا اليوم من كان له زوجة وأهل وأبناء وعشيرة وأقرباء تفرقوا على غير هدى. منهم من التق ومنهم لا يعرف للقاء طريق. منهم من حولهم هذا الوعد إلى فقراء لا يملكون قوت يومهم، بعدما كانوا أهل مال وجاه ومكانه ، ومنهم من حولهم هذا الوعد إلى معاقين ومصابين لا يستطيعون شرب الماء، ومنهم من حولهم إلى أجساد هامدة تحت الأرض، ومنهم من أودعه السجون وسجله رقما في قائمة الأعداد.


كيف يعيش الفلسطيني هذا اليوم هو يتذكر سواحل عسقلان وحيفا ويافا واللد ... بعدما كان يغص في بحرها، يصطاد سمكها، ويعالج موجها، ويتكيف مع مدها وجزرها ،و يلعب أبنائه بصدفها، وتزغرد نسائهم لهدير مراكبها.


كيف يعيش الفلسطيني هذا الوعد ومقدساته قد استبيحت! وأقصاه يدنس، وينتظر التقسيم لا سمح الله. كيف يعيش هذا اليوم من يتذكر المساجد التي حولت بارات ومراقص ومتاحف وبيوت للدعارة والمجون! كيف يعيش هذا اليوم من يرى حثالة أهل الأرض، وهم ينبشون القبور، ويبنون لهم مساكن، ومتنزهات على أنقاض مقابر الصحابة والتابعين....


 كيف حال الشعب الفلسطيني جراء هذا الوعد وهو يقدم أبنائه شهداء في كل يوم على مذبح الحرية! كيف حاله وهو يقدم الأسرى بالآلاف في سجون الاحتلال. يقضون زهرة شبابهم في أقفاص لا يسمع فيها إلا قرع السلاسل وسوط الجلاد سواد الجدران وظلمت الليالي وألم المرض والبعد عن الأهل.


هذا الوعد المشؤوم كان يوما اسود اظلم على الناس حياتهم ، وأعطى لمن لا يستحقون العيش على هذه الأرض دولة، وحدودا وجنود، وأصبح أهلها الأصليون يطالبون بأبسط الحقوق ويرضون بأقل القليل وهم ينكرون عليهم وجودهم ويفسدون عليهم حياتهم.


ولكننا على وعد من رب العالمين الذي رفع السماء وبسط الأرض وأمره بين الكاف والنون. بان الحق سيعود لأهله وان الباطل إلى زوال.

أ.عمار أبو زنيد

أبو حذيفة

2/11/2013


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق