الاثنين، 18 نوفمبر 2013

السحرة الجدد

السحرة الجدد
قال تعالى "وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ"  طه 69  
عندما يضعف الباطل في المواجه مع الحق وتنكسر عصاه و يضل طريقه ويخيّب ظنه وينطمس بصره وتغيب بصيرته ؛يلجأ إلى  السحر والشعوذة .ليضلل الناس ظانا انه يستطيع طمس الحقيقة و إقناع الناس بباطله وخرافاته وزيغه وما زين له الشيطان من أكاذيب. 

فرعون الذي زين له طغيانه وكفره بالله فستعبد البشر واستأثر بالأرض وعناد السماء، وظن انه يستطيع أن يتنصر على نبي الله موسى بقوة السحر وأباطيل السحرة. فغروره أعماه عن الحقيقة فاعتقد أن موسى أتى بسحر. وهو يمتلك امهر السحرة وأحذقهم – انتشر السحر في عهد فرعون كثيرا- فظن أن المعركة محسومة من البداية وان رهان موسى ضعيف. فبدأ بالتحدي وطلب تحديد الموعد .وجمع السحرة و وعدهم بأفضل مما يتمنون اذا خلصوه من موسى.
موسى كليم الله ونبيه دخل المواجهة بمفردة وبمن اتبعه من بني إسرائيل وهم قلة. ليقفوا موقف الواثق بالله المرتبط برباط التوكل و المعتقد بقدرة العلي الكبير، أن الغلبة لأهل الحق وان الباطل لزوال مهما علا وبنا وشيد الحصون وزين للناس باطله.

 هذا المجتمع المغرر به مسلوب الإرادة، أمام قوة فرعون. لم يكن سهلا عليه أن يقتنع بان موسى سينتصر ويغلب السحرة. كيف به يظن ذلك وهو يسجد عند أقدام فرعون صباح مساء. يعبدونه على انه ربهم ومالك أمرهم والمتصرف بشؤونهم المقدر لظروفهم المتدخل في كل حياتهم. وهل بعد العبودية لغير الله من ذل ! حياتهم ومماتهم ورزقهم بيد فرعون يأمر فيطاع ويحكم بهواه فينفذون ويرتفع عنهم فيسجدون. فازداد غروره وامتلأت عقولهم ذلة وضعف. حال هذا المجتمع لم يكن يخفى على موسى. ولكنه نظر إليهم بعين العطف والرحمة. راجيان أن يخرج من أصلابهم من يقول لا اله إلا الله. وتنكشف غمتهم ويستعيدوا كرامتهم المسلوبة وحقوقهم المهضومة ويعبدوا رب السموات والأرض الذي خلقهم وأكرمهم ليعبدوه وحده دون سواه.

هؤلاء السحرة أدوات الباطل ولسانه وعقله، زينوا لفرعون سوء عمله ،وزادوه سطوة وظلم وسخروا أنفسهم لخدمة باطله ومحاربة الحق. ضلوا أنفسهم و أضلوا حاكمهم و أهانوا قومهم ؛ فحولهم من أحرار لعبيد لفرعون و زبانيته يعبدونهم من اجل لقمة العيش كالأنعام بهم أضل سبيلا.

 مستشاري السوء دأبهم الكذب والتضليل وتنزين الباطل والتحذير من الحق ونشر الدسائس وتحريف الكلام والهاء الناس بالصغائر وصرفهم عن حقهم في تحصيل حقوقهم والعيش بكرامة يمتلكون قرارهم ويصنعون دوائهم وينتجون غذائهم بأيدهم دون تبعية لأحد. ليعيشوا أحرار  فوق الأرض أو جثث تحتها.

إن كان سحرة فرعون قد سحروا الناس بالحبال والأراجيف فان سحرة اليوم يسحرون الناس بالكذب عبر الفضائيات المأجورة والكلمات المسمومة والعبارات الخائنة والتصريحات المشبوهة والمواقف المختلطة، المتجه نحو البطل ومحاربة الحق ونشر الفساد.

إذا قدر لك أن تسمع بعضهم ولا أنصح بذلك لأنه مضيعه للوقت. تسمع العجب العجاب وتشاهد مسرحيات محبوكة وكلمات معسولة لو اجتمع  شياطين الجن في صعيد واحد ما أتوا بها. لكن شياطين هذا العصر أتقنوها وظيفة ونشروها عبر وسائلهم لينفثوا سمهم في جسد هذه الأمة. بعدما أن بدأت تستعيد عافيتها وتمارس دورها الطبيعي في تطهير البلاد والحكم بالعدل بين العباد.

الفراعنة الجدد الذي غرتهم الأموال والمناصب وزين لهم قرناء السوء سوء عملهم وأقنعوهم أنهم يستطيعون بقوة السحرة أن يقهروا الحق ويغلبوه بكل سهولة ويسر. وأنهم سيتربعون على كرسي ملفوف بالحرير ويعيشون في هناء وسعة إذا قضوا على موسى. هذا ظن فرعون من قبلهم الذي لم يرد أن يسمع كلام الحق وان يعود لرشده. فلم تمهله قدرة الله كثيرا فجعلته عبرة لمن يعتبر. فهلك هو وجنوده وبقي جسده رمز للظلم والطغيان، وعلا أمر موسى ومن معه بأذان الله.

هذا الباطل العالي دخانه لا يمكنه أن يستمر. إنما هي فترة اقتضتها حكمة الله وقدرة أن تكون لهم جولة. ولكن وعد الله آت لا محالة ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله . هذا اليوم لن يكون بعيدا. فالذي اغرق فرعون وجنوده في البحر دائم الوجود في علاه وقدرته وسعت كل شيء وأمره بين الكاف والنون.
أ.عمار ابو زنيد
ابو حذيفة

18/11/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق