لهوى النفوس سريرة لا تعلم
ذو العَقلِ
يَشقَى في النّعيمِ بعَقْلِهِ
|
وَأخو
الجَهالَةِ في الشّقاوَةِ يَنعَمُ
|
أبو الطيب المتنبي
هذا البيت من شعر المتنبي على كل ما فيه من صورة شعرية وجمال في الصياغة
وقدرة عالية في الإبداع. إلا إنني استسمح صاحب هذه القامة السامقة وصاحب الحكمة
الصادقة في الشعر العربي أن اختلف معه في علاقة العقل بالشقاء .
ذو العقل يشقى ويكد ويكابد الصعاب، ويحفر في الصخر المستحيل ما اقتنع
به عقل، وما ارتاحت له سريرته، وأنار الله به بصيرته؛ فتجده مُجهد لجسمه ومُفارق
لفراش راحته مُوقد سراجه، مستعين بكل أدوات إبعاد النعاس والكسل ورغبة الجسم
بالراحة ؛ لكي يجد حلا لمسالة أرهقت السائلين أو نصيحة يصوب بها مسار السائرين أو
كلمات تنسي أللآم المصابين .....
ذو العقل هو السعيد بعقله. إن صاحب العقل أكثر سعادة وفرح بعقله من غير،
وهو يتمنا لو أن له عقلاً اكبر، وعمراً أكثر ،و همة أعلى؛ ليجهد عقله ويتعب جسده
ويحفي لسانه في مساعدة الناس في التخلص من مشاكلهم و الصمود أمام تحدياتهم وإنارة
الطريق لهم وتسهيل حياتهم.
هل يعقل أن نصف من قاده عقلة للسهر في البحث عن الحلول ومحاكاة الواقع و
تنقيب بين السطور أنه شقي ؟
هل يعقل أن نصف من ألصق نفسه بهموم شعبة ؛فعوقب و حوصر وسجن وقتل و ضاقت
عليه الأرض بما رحبة، وحمل الأمانة ومضى بها ؛ رغم حدة شوك الواقع وظلمة الليل
وتخلي الصديق وطمع العدو . بأنه شقي قاده عقلة للهلاك؟
هل يعقل أن نلصق الشقاوة بمن حمل هم وطنه وأمته وبنا حجر الزاوية وأسس
لنهضة أمته، وبداء في مشوار ألف ميل بخطى ثابتة، ومبادئ راسخة وثوابت مصونة. غير
آبه بظلمة لسجن وأعواد المشانق .هل أشقاه عقله ؟
كيف لصاحب عقل سوي وصاحب منطق سليم ومنهج قويم و رؤية واضحة أن يقتنع بهذا؟
إن شقاوة صاحب المزارع بنزعه من حقله رغم ثقل فأسه و غزارة عرقه. وشقاوة صاحب
الحِرفة بإغلاق باب حِرفته رغم وهن عظمه وضعف عضلاته، وشقاوة الشعراء بكبت
مشاعرهم رغم كثرة النقد، وشقاوة أهل كلمة الحق؛ بمنعهم من قولها مدوية رغم ظلمة
السجن وقهر الأعادي. وشقاوة الفلاسفة بمنعهم من تحليل عناصر الحياة إلى عناصر
أولية و إعادة بناء الواقع على أسس جديده؛ رغم تهكم وسخرية الجاهلين. وكذلك أهل
العقل والمنطق فشقاوتهم بحصار عقولهم ومنعهم من التفكير والتحليل وبناء الجدران
حول عقولهم، ومنعهم من ملامسة حاجات الناس وخدمتهم.
أما أخوة الجَهالَة
فيكفهم ما يحمل اسمهم من معاني ونعوت. انه جاهل مهما ارتقى بحطام الدنيا ومهما
اقنع نفسه بالسعادة والنعيم مهما بنا من حجارة واشتر أطيان و اقتنى المجوهرات ولبس
واكل وتباه بالحافلات. فيكفيه انه جاهل .
هل يوجد معنى
للحياة بدون تحدي ،ومثابرة ومصارعة الزمن، ومواجهة الأمواج العالية والتصدي للرياح
العاتية، والصبر أمام لسعات البرد وأعمدة المطر، وقهر أشعت الشمس ، و رفض الخطاء
والثبات على قول الحق؛ مهما أدى ذلك لشقاء جسمك.
فسعادة الناس في أرواحهم وليست في أطراف جسمهم أو
شهواتهم.
ذو
العَقلِ يَسعد في النّعيمِ بعَقْلِهِ
|
وَأخو
الجَهالَةِ في الشّقاوَةِ يَنعَمُ
|
أ.عمار ابو زنيد
ابو حذيفة
13/4/2013
كل الاحترام اخي ابا حذيفة صدقت واصبت
ردحذفحفظك الله ابو منير
ردحذف