الأربعاء، 26 يونيو 2013

الرقص بين المطرقة والسنديان


الرقص بين المطرقة والسنديان

يعمل الإنسان في مهن كثيرة .منها ما يختاره رغبتا ومنها ما تجبره الظروف عليه...   ومنها و منها ...

أما أن تعمل في مهنة الحدادة فلا بدلك من قوة ساعد ،تساعدك على رفع المطرقة وضربها ،وكذلك لا بد من سنديان ثابت يتحمل قوة الضرب، وقوة ردة الفعل.

  هذا ما تحتاجه مهنة تطويع الحديد، ساعد قوي، ومطرقة ثقيلة، وسنديان ثابت، و قطع الحديد التي قدر لها أن تقع بينهما. فهي صاحبة الغرض ونتيجة الجهد، وثمرة الصبر، والأعين تنظر إليها، والقلوب معقودة عليها ،والكل يتطلع لها كيف ترقص مع ضربات المطرقة، وكيف تعمل بها يد الحداد، والكل يسمع صوتها وترنيمات السنديان؛ لدرجة أن بعض البلهاء يحسبها موسيقى تُعزف في ساعة صفا.

ثبات السنديان ،و توزع ضربات المطرقة على الأطراف، ووسط قطعة الحديد، يخرج شكلها النهائي. لكن هل مشابه لما تخيله الحداد؟ أم انه تحتاج إلى طرق إضافي و توزيع الضربات بشكل أدق، أو أنها تحتاج للهيب النار يكوي أجزاءها.  وهل تلبي حاجت من طلبها جميلة نقية؟.

كثرة الضربات، وبتر الأجزاء، ولهيب النار، لا يغير طبيعة الأشياء، بل ينقيها ويخرج الشوائب منها، ويعيدها إلى أصلها, فالحديد كلما طال ثباته تحت المطرقة، واشتد لهيب النار، ازداد نقائه، و لمع لونه، وتشكل ليلبي الحاجة المقصودة منه، ولو تركت لصدئت و تفتت  أجزائه وأصبح ماضي يتغنى به وذكر تهب نسماتها وتخبو.

هذا المنتج ما كان له يبهر الأبصار، و يشد القلوب، ويلبي الحاجة المقصد منه، ويسد الفراغ، ويسعد صاحبه، و يجعل الكثيرين يطلبون نسخ منه؛ إلا صبره تحت ضربات المطرقة التي لا ترحم، و تحمله قسوة السنديان. وكان الحديد يقول لا يمكن أن أتشكل، و ينتفع بي؛ إلا إذا وضعة تحت المطرقة و رقصة على السنديان ؛ لأٌخرج كل ما علق بي من الشوائب .

الأهل والأحبة في الشام كما هو حال الشعوب العربية المتطلعة للحرية والكرامة، لا بد لهم أن يصبر على ضربات المطرقة، و قسوة السنديان؛ ليكون المنتج نقي وتحفة ونواة يجتمع عندها كل محبي الحرية والعدالة.

أ.عمار ابو زنيد

ابو حذيفة

8/5/2013









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق