السبت، 26 أكتوبر 2013

الزيتون والانتماء

الزيتون والانتماء
هذه الشجرة المباركة التي تزين الجبال بخضرتها, وتفشى المريض بدهنها, وتغني المائدة بفوائده ,وتبهج النفس بطلتها, وتزيل الهم والكدر بلمسها ,وتجمع الأهل حولها يلتفون في إطار أشبه بالحلقة المستديرة.
تتدلى أغصانها, و تنبسط أوراقها لتصافح أيادي أحبائها ,تحسسهم و تبادلهم مشاعر المحبة, وتغرس في نفوسهم الوفاء ,وكأنه بهذا التلاقي تجمع الشمل، وتوحد الصف ،وترص البنيان، وتحدد الوجهة ،وتزيل الغبار ،وتشفي الصدور .
 وترتفع سيقانها, وهي تحمل الذهب الأصفر في حباتها بين جلدها ولبها. لتشكل نموذج في الصمود والشموخ والتحدي والإصرار على الحق والصبر على الأذى وتحمل المستحيل.  
 و تنشر رائحتها وتظهر لمعانها على حباتها. مبشرة بالخير والبركة تنادي على أهلها. كأقحوانه تفتحت خمائلها وتزينت بقطرات الندى تهدي نفسها لكل من يقترب منها.
 هذا الشعور يتسلل إليك وأنت تمسك الأغصان, والحبات تتساقط كاللؤلؤ المنثور على وجنات هذه الأرض. تلونها بالأخضر والأسود .و تنشر لمعانها وتظهر فرحتها بأهلها وهم يلتفون حولها يجنون ثمارها ويقلمون أغصانها و يتفيؤون ظلالها.
هذه العلاقة وهذا الإحساس بالانتماء يغرس مشاعر المحبة وينشر عطر الوفاء  لهذه الأرض وهذه الأشجار. ليذكرنا بان لنا أرضا اغتصبت وأشجار قطعت وبيوت هدمت وحظائر ومغارات نسفت وأهل في بقاع الأرض شردوا.   
هذا الانتماء بين الفلسطيني وشجرة الزيتون لا تستطيع أن تقطعه يد أو تقتلعه جرافه. فإذا قطعوا غصن سينبت مكانه ألف. وإذا جرفوا الأرض بآلياتهم سوف تنبت من  جديد، فجذورها تمتد في أعماق الأرض مسافات طويلة ويسري زيتها في عروق أهلها يمتزج بدمائهم ليغذي خلاياهم وينير طريقهم.
يا لهم من حمقا! لو عرفوا حب أهل فلسطين.  لوطنهم لما سكنوا  فيه لحظه. لكنهم  أقنعوا أنفسهم بأوهام وأباطيل نسجوها بخيوط الحقد ولفوها بعقد الكذب والخرافات ليحتلوا هذه الأرض ويدنسوا مقدساتها ويستولوا على خيراتها.
أ.عمار ابوزنيد
أبو حذيفة
26/10/2013