الأحد، 5 مايو 2013

الزيت والماء


الزيت والماء

  عناصر الحياة تتقارب وتتمازج وتتنافر وتتباعد من بعضها البعض بدرجات متفاوتة من القبول والتزاوج إلى النفور والتباعد من الذوبان إلى الترسب ورفض التجانس.

فمنها إذا حضر الأول غادر الثاني. بسرعة نفور الظلام من النور، ونفور الليل من شمس الصباح ،ونفور رائحة النسيم من العاصفة، ونفر الباطل من قوة الحق. وكأنه قضية أن لا تلاقي  بين هذا النوع من العناصر حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

فالخير والشر والحق والباطل والصديق والكذب والحرية والعبودية والنار والماء والليل والنهار ... يفسد كل منهما الآخر. ويرفضوا التلاقي في منتصف الطريق والتوافق على قواسم مشتركة. بحث لا تجتمع مثنى في قلب واحد .

كيف تلتقي أخلاق الكرام، وخبث الذئاب، كيف يلتقي عطر الأزهار ورائحة الجيف المتحللة، كيف يلتق رذاذ الندى وحميم الصيف، كيف تلتقي مشاعر المحبة والصدق والأمانة، و صفاء النفس و نقاء السرير ..... مع النفوس الدنيئة التي تربت على الخبث والمؤامرة وقلب الحقائق وبخس الناس أشيائهم وحب المدح بجهد الغير وعدم نسب الفضل لأهله و السعي بالنميمة وتلفيق الأراجيف وبث روح الكراهية والحقد بين أبناء الشعب الواحد وتعكير المياه الصافية والعبث بمصير الأمة وإشعال نار الفتنة  وسكب الزيت على النار....

 كيف يتعايش عِباد الله مع عبَّاد الباطل الذين لا يعرفون من القول إلا الكذب ومن العمل إلا الفاسد ومن التفكير إلا المكر والحيل. لا تجد لهم اثر في عمل خير أو لمسة من صدق أو نظرة صفاء أو نطق بكلمة  حق. فهم يتنقلون من مكر إلى مكر ومن حيلة لحيلة أكبر ومن سيء إلى أسوء. كالمنغمس في وحل الباطل كلما رفع قدمه لينجو ازداد انغماسا في باطله.  

كيف بالزيت يذوب في الماء حتى  لو مزجتهما دهرا، لوجدتهما بعد طرفة عين افترقا بكل سرعة وسهولة . هكذا الحياة تفرز الناس مهما تظاهروا وتكلفوا المجاملة، و لبسوا لباس التقوى والورع والزهد وحب الأوطان.

النفس البشرية بها متسع للخير ومتسع للشر. كأنها تحوي وعاءان. يملأهما صاحبهما كيفما شاء. فما تمر الأيام والليالي حي يمتلئ احدهما ليطفح ويكشف ما بداخله. وكما قيل كل وعاء بما فيه ينضح.
اللهم أعنا على أن نكون للحق أعوان وللخير أدلاء وللصدق أصدقاء و للمحبة وعاء.

أ.عمار أبو زنيد

أبو حذيفة

5/5/2013